عيون دامعة تقف علي مأساة الأقصى .. تري الدماء تلطخ أرضه .. دماء الطفولة الموؤدة .. دماء طاهرة .. تقف الكلمات عاجزة عن وصف ما يحدث .. براكين غضبة تموج داخل قلوب عربية تكاد تنفجر .. يصدر منها أنين لا يسمعه سوانا ..
وبقلم واهن أكتب اليوم لأنتفض وينتقض قلمي " وهذا أضعف الإيمان" وهذا ما تصل إليه يدى .. كلمة تخرج من قلمي دامعة ، تسقط علي أرض طاهرة .. أرض الوعد والميعاد .. أرض التاريخ والحضارة والقدم ..
أنا أعلم أن كلمتى ودمعتى وصوتي لن يكون بقوة الصاروخ والدبابات والجرافات والمعدات الحربية التى تدمر وتهدم كياننا .. ولكن أتمنى ان تكون كحجر في يد طفل من أطفال الحجارة .. أتمنى ان تصيب عين هؤلاء الذين يتطاولون علي أقصانا ... ويتمتعون بكسر ظهورنا وتكبيلنا ووضعنا تحت أقدامهم القذرة.. وما بقي لنا إلا الأنين بالكلمة.
أعرف أن حجارة الطفل لن تقتل ولكنها تُرهب عدو الله وعدونا
أعرف أن صوتي سيطير في الهواء ولكن يقينى أنه سيتقابل مع أصوات أخري ستفزع هؤلاء المردة..
أجلس مع نفسي كثيراً أتحسر علي ماضي أجدادى .. فأين عظمائنا .. وأين حضارتنا ؟؟
لقد طنطن الغرب في عصر النهضة بآراء ديكارت ونيوتن في الطبيعة والانكسار والإبصار علي الرغم من أن أغلبها مأخوذ عن ابن الهيثم العالم المصري .. كما طنطن باكتشاف "هارفي" للدورة الدموية وهي أصلا من اكتشاف ابن النفيس الذي برع في علم التشريح وألف موسوعة طبية ضخمة استفاد منها الغرب .. وكذلك ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع وأبرز رواد الفكر الاجتماعي ، والفاربي الذي حلم مثلنا بالمدن الفاضلة ووضع أصول البحث العلمي الدقيق وابن سينا الطبيب والفيلسوف والتى كانت مؤلفاته تدرس في الجامعات الأوربية مما ساعد في نهضة أوربا العلمية والرازي أبو الطب وأول من استخدم الموسيقي في العلاج وله بحوث طبية هامه.. وأبي قراط الطبيب النابغة.. وجابر بن حيان شيخ الكيميائيين العرب.. والرازي أول الباحثين في قانون الجاذبية والضغط الجوى ووزن الأجسام وعلم الفضاء والخوارزمي نابغة الرياضة ومؤسس علم الجبر .. وغيرهم الكثير ..
أين يا أقصانا هؤلاء العمالقة لنستعيد أمجادنا ممن اقتنصوها واقتنصوا معها مواردنا ؟؟
فبرغم العتمة سيلتقي صوتي بصوت سمعته يقول: الأقصي ينادي... من أراد منكم الكرامة، فالكرامة هنا انفجرت عيونها... من أراد منكم العزة، فهنا تبني قصورها! يا معشر الناس، إن الرب واحد، والأقصي واحد، وإليه تشد الرحال ...الرباط ها هنا، الرباط ها هنا... يا أيها الناس اسمعوا وعوا واصبروا وصابروا، وابشروا ولا تيأسوا.
ومع هذا فإن جنحوا للسلم فاجنح لها، سلام لا تسوية! فالسلام بين أصحاب القوة المتوازنة والأطراف الجادة والنيات الحسنة. والتسوية اتفاق القوي مع الضعيف والضخم مع الهزيل.
ويبقي الأقصي يتبختر في عليائه وشموخه، والصخرة في إشعاعه وكبريائه، صمود الحجر يعانق صمود البشر... دورة حضارية تنتهي، دورة أخري تبتدأ، حضارة المصالحة الكونية مع الخالق والذات، والآخر... حضارة، الخالق هدفها ومستقرها، والإنسان مركزها وأداتها، والعدل والتوحيد إطارها.